فصل: عبد الله بن عمير السدوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (نسخة منقحة)



.عبد الله بن عمير السدوسي:

حديثه عند عمرو بن سفيان بن عبد الله بن عمير السدوسي عن أبيه عن جده.

.عبد الله بن عمير بن عدي:

بن أمية بن خدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاري شهد بدرًا في قول جميعهم ولم يعرفه ابن عمارة، ولا ذكره في كتابه في أنساب الأنصار.

.عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة:

واسم أبي ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ولد بأرض الحبشة، يكنى أبا الحارث، حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه وروى عن عمر وغيره فما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض بيوت آل أبي ربيعة، إما لعيادة مريض أو لغير ذلك، فقالت له أسماء بنت مخربة التميمية وكانت تكنى أم الجلاس، وهي أم عياش بن أبي ربيعة: يا رسول الله، ألا توصيني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أم الجلاس ائتي إلى أختك ما تحبين أن تأتي إليك»، ثم أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي من ولد عياش فذكرت أم الجلاس لرسول الله صلى الله عليه وسلم مرضًا بالصبي، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يرقيه ويتفل عليه، وجعل الصبي يتفل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل بعض أهل البيت ينتهر الصبي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يكفهم عن ذلك. روى عنه ابنه الحارث بن عبد الله، ونافع مولى عبد الله بن عمر.

.عبد الله بن غالب الليثي:

من كبار الصحابة، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعثٍ سنة اثنتين من الهجرة.

.عبد الله بن غنام البياضي:

حديثه عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عنبسة، عن عبد الله بن غنام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمةٍ فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد، ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال ذلك حين يمشي فقد أدى شكر ليلته».

.عبد الله بن فضالة الليثي:

أبو عائشة. روى عنه أنه قال: ولدت في الجاهلية فعق أبي عني بفرس. وهو إسناد ليس بالقائم. واختلف في إتيانه النبي صلى الله عليه وسلم، فروى مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عبد الله فضالة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ورواه خالد الواسطي عن زهير بن أبي إسحاق عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود. عن عبد الله بن فضالة عن أبيه وهو أصح إن شاء الله تعالى ولا يختلف في صحبة أبيه فضالة وقد ذكرناه في بابه والحمد لله تعالى.
وقال البخاري: قال أبو عاصم الضرير البصري، حدثنا أبو عاصم موسى بن عمران الليثي عن عاصم بن الحدثان الليثي، عن عبد الله بن فضالة، قال: ولدت في الجاهلية فعق أبي عني بفرس. قال خليفة: كان عبد الله بن فضالة الليثي على قضاء البصرة، يكنى أبا عائشة.
قال أبو عمر رحمه الله: ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندهم مرسل، على أنه قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه.

.عبد الله بن قارب الثقفي:

ويقال عبد الله بن مأرب والصحيح قارب. حديثه عند إبراهيم بن عميرة عن وهب بن عبد الله بن قارب، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله المحلقين.» الحديث.

.عبد الله بن أبي قحافة:

أبو بكر الصديق رضي الله عنهما. كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. هذا قول أهل النسب: الزبيري وغيره. واسم أبيه أبي قحافة: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي التيمي. وأمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة واسمها: سلمى. قال محمد بن سلام: قلت لابن دأب: من أم أبي بكر الصديق رضي الله عنه؟ فقال: أم الخير هذا اسمها.
قال أبو عمر رحمه الله: لا يختلفون أن أبا بكر رضي الله عنه شهد بدرًا بعد مهاجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وأنه لم يكن رفيقه من أصحابه في هجرته غيره وهو كان مؤنسه في الغار إلى أن خرج معه مهاجرين. وهو أول من أسلم من الرجال في قول طائفة من أهل العلم بالسير والخبر، وأول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر أولئك. وكان يقال له: عتيق واختلف العلماء في المعنى الذي قيل له به عتيق. فقال الليث بن سعد وجماعة معه: إنما قيل له عتيق لجماله وعتاقة وجهه. وقال مصعب الزبيري وطائفة من أهل النسب: إنما سمى أبو بكر عتيقًا لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به. وقال آخرون: كان له أخوان أحدهما: يسمى عتيقًا مات عتيق قبله، فسمي باسمه.
وقال آخرون: إنما سمي عتيقًا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن ينظر إلى عتيق من النار، فلينظر إلى هذا». فسمي عتيقًا بذلك.
وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا أبو الميمون البجلي، قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي، وحدثني عبد الوارث بن سفيان واللفظ له، وحديثه أتم. قال: حدثنا ابن اصبغ، حدثنا أحمد بن زهير حدثنا سعيد بن منصور حدثنا صالح بن موسى حدثنا موسى بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: إني لفي بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب بالفناء، وبيني وبينهم الستر إذ أقبل أبو بكر رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلى عتيق من النار، فلينظر إلى هذا». قالت: وإن اسمه الذي سماه به أهله لعبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو.
وحدثني خلف بن قاسم حدثنا أحمد بن محبوب حدثنا محمد بن عبدوس حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شيخ لنا، حدثنا مجالد عن الشعبي، قال: سألت ابن عباس، أو سئل: أي الناس كان أول إسلامًا؟ فقال: أما سمعت قول حسان:
إذا تذكرت شجوًا من أخي ثقةٍ ** فاذكر أخاك أبا بكرٍ بما فعلا

خير البرية أتقاها وأعدلها ** بعد النبي وأوفاها بما حملا

والثاني التالي المحمود مشهده ** وأول الناس ممن صدق الرسلا

ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان: «هل قلت في أبي بكرٍ شيئًا»؟ قال: نعم وأنشده هذه الأبيات، وفيها بيت رابع وهي:
والثاني اثنين في الغار المنيف وقد ** طاف العدو به إذ صعدوا الجبلا

فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «أحسنت يا حسان». وقد روى فيها بيت خامس:
وكان حب رسول الله قد علموا ** خير البرية لم يعدل به رجلا

وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي. قال: أبو بكر أول من أسلم. واختلف في مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الغار، فقيل: مكثا فيه ثلاثًا، يروي ذلك عن مجاهد. وقد روى في حديث مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مكثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يومًا، ما لنا طعام إلا ثمر البرير» يعني الأراك وهذا غير صحيح عند أهل العلم بالحديث والأكثر على ما قاله مجاهد. والله أعلم. وروى الجريري عن أبي نضرة قال: قال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما: أنا أسلمت قبلك. في حديث ذكره، فلم ينكر عليه ومما قيل في أبي بكر رضي الله عنه قول أبي الهيثم بن التيهان فيما ذكروا:
وإني لأرجو أن يقوم بأمرنا ** ويحفظه الصديق والمرء من عدي

أولاك خيار الحي فهر بن مالكٍ ** وأنصار هذا الدين من كل معتدي

وقال فيه أبو محجن الثقفي:
وسميت صديقًا، وكل مهاجرٍ ** سواك يسمى باسمه غير منكر

سبقت إلى الإسلام والله شاهد ** وكنت جليسًا بالعريش المشهر

وبالغار إذ سميت بالغار صاحبًا ** وكنت رفيقًا للنبي المطهر

وسمي الصديق لبداره إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به صلى الله عليه وسلم. وقيل: بل قيل له الصديق لتصديقه له في خبر الإسراء. وقد ذكرنا الخبر بذلك في غير هذا الموضع.
وكان في الجاهلية وجيهًا رئيسًا من رؤساء قريش، وإليه كانت الأشناق في الجاهلية والأشناق: الديات، كان إذا حمل شيئًا قالت فيه قريش: صدقوه وأمضوا حمالته، وحمالة من قام معه أبو بكر وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه. وأسلم على يد أبي بكر: الزبير وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف.
وروى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أسلم أبو بكر وله أربعون ألفًا أنفقها كلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكرٍ». وأعتق أبو بكر سبعة كانوا يعذبون في الله منهم: بلال وعامر بن فهيرة.
وفي حديث التخيير قال علي رضي الله عنه: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوا لي صاحبي، فإنكم قلتم لي: كذبت، وقال لي: صدقت».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلام البقرة والذئب: «آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم علما بما كانا عليه من اليقين والإيمان». وقال عمرو بن العاص: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: «عائشة»، قلت: من الرجال؟ قال: «أبوها».
وروى مالك عن سالم بن أبي النضر، عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من آمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكرٍ، ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكرٍ خليلًا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكرٍ».
روى سفيان بن عيينة، عن الوليد بن كثير، عن ابن عبدوس عن أسماء بنت أبي بكر أنهم قالوا لها: ما أشد ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان المشركون قعودًا في المسجد الحرام، فتذاكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يقول في آلهتهم، فبينما هم كذلك، إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فقاموا إليه وكانوا إذا سألوه عن شيء صدقهم فقالوا: ألست تقول في آلهتنا كذا وكذا؟ قال: «بلى»، قال فتشبثوا به بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقيل له: أدرك صاحبك. فخرج أبو بكر حتى دخل المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مجتمعون عليه، فقال: ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟ قال: فلهوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واقبلوا على أبي بكر يضربونه. قالت: فرجع إلينا، فجعل لا يمس شيئًا من غدائره إلا جاء معه وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
وروينا من وجوه عن أبي أمامة الباهلي، قال: حدثني عمرو بن عبسة، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بعكاظ، فقلت: يا رسول الله، من اتبعك على هذا الأمر؟ قال: «حر وعبد: أبو بكرٍ، وبلال». قال: فأسلمت عند ذلك. فذكر الحديث.
أخبرني أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي البزار، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثني الحارث بن أبي أسامة ومحمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا زياد بن أيوب البغدادي أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا همام، قال: حدثنا ثابت عن أنس أن أبا بكر الصديق حدثه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه. فقال: «يا أبا بكرٍ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما».
وروينا أن رجلًا من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس فيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: والله ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من موطن إلا وعلي معه فيه. فقال القاسم: يا أخي، لا تحلف. قال: هلم. قال: بلى، ما ترده. قال الله تعالى: {ثاني اثنين إذ هما في الغار}. [التوبة 41].
واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على امته من بعده، بما أظهر من الدلائل البينة على محبته في ذلك وبالتعريض الذي يقوم مقام التصريح ولم يصرح بذلك لأنه لم يؤمر فيه بشيء وكان لا يصنع شيئًا في دين الله إلا بوحي، والخلافة ركن من أركان الدين. ومن الدلائل الواضحة على ما قلنا ما حدثنا سعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا منصور بن سلمة الخزاعي، وأخبرنا أحمد ابن عبد الله حدثنا الميمون بن حمزة الحسيني بمصر. وحدثنا الطحاوي، حدثنا المزني، حدثنا الشافعي، قال: أنبأنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن شيء، فأمرها أن ترجع إليه فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك تعني الموت. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر». قال الشافعي: في هذا الحديث دليل على أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر.
وروى الزهري، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليل، فدعاه بلال إلى الصلاة فقال لنا: «مروا من يصلي بالناس». قال: فخرجت فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائبًا فقلت: قم يا عمر، فصل بالناس، فقام عمر، فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، وكان مجهرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين أبو بكرٍ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون». فبعث إلى أبي بكر فجاءه بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس طول علته حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا أيضًا واضح في ذلك.
حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان بن سعيد عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى بن حراش عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكرٍ وعمر، واهتدوا بهدي عمارٍ، وتمسكوا بعهد ابن أم عبدٍ».
حدثنا عبد الوارث بن سفيان ويعيش بن سعيد قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن أبي العوام، قال: حدثني أبي أحمد بن يزيد بن أبي العوام، قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي قال: حدثنا إسماعيل بن خالد عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة بكلام قاله عمر بن الخطاب: أنشدتكم الله. هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقامٍ أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: كلنا لا تطيب نفسه ونستغفر الله.
وروى إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد الله بن مسعود: اجعلوا إمامكم خيركم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل إمامنا خيرنا بعده.
وروى الحسن البصري، عن قيس بن عبادة، قال: قال لي علي بن أبي طالب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ليالي وأيامًا ينادي بالصلاة فيقول: «مروا أبا بكرٍ يصلي بالناس»، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الإسلام، وقوام الدين فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، فبايعنا أبا بكر.
وقد ذكرنا هذا الخبر وكثيرًا مثله في معناه عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا ابا بكرٍ فليصل بالناس» وأوضحنا ذلك في التمهيد، والحمد لله.
وكان أبو بكر يقول: أنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك كان يدعى: يا خليفة رسول الله. وكان عمر يدعى خليفة أبي بكر صدرًا من خلافته حتى تسمى بأمير المؤمنين لقصة سنذكرها في بابه إن شاء الله تعالى.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حكم يعرف بابن البغوي أن محمد بن معاوية أخبرهم قال: حدثنا الفضل بن الحباب الجشمي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال: قال رجل لأبي بكر: يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله. قال ولكني أنا خليفة رسول الله وأنا راضٍ بذلك.
حدثنا خلف بن قاسم وعلي بن إبراهيم قالا: حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا علي بن سعيد بن نصير أبو كريب حدثنا عبيد بن حسان الصيدلاني، حدثنا مسعر بن كدام عن عبد الملك بن مسيرة عن النزال بن سبرة عن علي، قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر. وروى محمد بن الحنفية وعبد خير وأبو جحيفة، عن علي مثله. وكان علي رضي الله عنه يقول: سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنى أبو بكر وثلث عمر ثم حفتنا فتنة يعفو الله فيها عمن يشاء.
وقال عبد خير: سمعت عليًّا يقول: رحم الله أبا بكر كان أول من جمع بين اللوحين.
وروينا عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب من وجوه أنه قال: ولينا أبو بكر فخير خليفة أرحمه بنا وأحناه علينا. وقال مسروق: حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة.
وكان أبو بكر رجلًا نحيفًا أبيض خفيف العارضين أجنأ لا تستمسك أزرته تسترخي عن حقوبه معروق الوجه غائر العينين ناتىء الجبهة عاري الأشاجع هكذا وصفته ابنته عائشة رضي الله عنها وبويع له بالخلافة في اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة ثم بويع البيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وفرقة من قريش ثم بايعوه بعد غير سعد. وقيل: إنه لم يتخلف عن بيعته يومئذ أحد من قريش وقيل: إنه تخلف عنه من قريش: علي والزبير وطلحة وخالد بن سعيد بن العاص ثم بايعوه بعد وقد قيل: إن عليًّا لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة ثم لم يزل سامعًا مطيعًا له يثني عليه ويفضله.
حدثنا محمد بن عبد الملك حدثنا ابن الأعرابي، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا يزيد ابن هارون وأبو قطن وأبو عبادة ويعقوب الحضرمي واللفظ ليزيد قالوا: حدثنا محمد بن طلحة عن أبي عبيدة بن الحكم عن الحكم بن جحل قال: قال علي رضي الله عنه لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج حدثنا يحيى بن سليمان حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، قال: لما بويع أبو بكر الصديق أبطأ علي عن بيعته، وجلس في بيته فبعث إليه أبو بكر ما أبطأ بك عني أكرهت إمارتي؟ فقال علي: ما كرهت إمارتك ولكني آليت ألا أرتدي ردائي إلا إلى صلاة حتى أجمع القرآن. قال ابن سيرين: فبلغني أنه كتب على تنزيله ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير.
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة قال: لما بويع لأبي بكر تخلف علي عن بيعته وجلس في بيته فلقيه عمر فقال: تخلفت عن بيعة أبي بكر؟ فقال: إني آليت بيمين حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة المتكوبة حتى أجمع القرآن فإني خشيت أن ينفلت ثم خرج فبايعه. وقد ذكرنا جمع علي القرآن في بابه أيضًا من غير هذا الوجه والحمد لله.
وذكر ابن المبارك عن مالك بن مغول عن أبي الخير قال: لما بويع لأبي بكر جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي فقال: غلبكم على هذا الأمر أرذل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلًا ورجالًا قال: فقال علي: ما زلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئًا وإنا رأينا أبا بكر لها أهلًا، وهذا الخبر مما رواه عبد الرزاق عن ابن المبارك.
حدثنا محمد بن أحمد حدثنا محمد بن أيوب حدثنا أحمد بن عمرو البزار حدثنا أحمد بن يحيى حدثنا محمد بن نسير حدثنا عبد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عليًّا والزبير كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر، فقال: يا بنت رسول الله والله ما كان من الخلق أحد أحب إلينا من أبيك وما أحد أحب إلينا بعده منك، ولقد بلغني أن هؤلاء النفر يدخلون عليك ولئن بلغني لأفعلن ولأفعلن. ثم خرج وجاءوها فقالت لهم: إن عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلن وايم الله ليفين بها، فانظروا في أمركم ولا ترجعوا إلي. فانصرفوا فلم يرجعوا حتى بايعوا لأبي بكر.
وحدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر أن خالد بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربص ببيعته لأبي بكر شهرين ولقي علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وقال: يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسًا عن أمركم يليه غيركم فأما أبو بكر فلم يحفل بها وأما عمر فاضطغنها عليه، فلما بعث أبو بكر خالد بن سعيد أميرًا على ربع من أرباع الشام وكان أول من استعمل عليها فجعل عمر يقول: أتؤمره، وقد قال ما قال، فلم يزل بأبي بكر حتى عزله وولى يزيد بن أبي سفيان وقال ابن أبي عزة القرشي الجمحي:
شكرًا لمن هو بالثناء خليق ** ذهب اللجاج وبويع الصديق

من بعد ما ركضت بسعدٍ بغله ** ورجا رجاءً دونه العيوق

جاءت به الأنصار عاصب رأسه ** فأتاهم الصديق والفاروق

وأبو عبيدة والذين إليهم ** نفس المؤمل للبقاء تتوق

كنا نقول لها علي والرضا ** عمر، وأولاهم بتلك عتيق

فدعت قريش باسمه فأجابها ** إن المنوه باسمه الموثوق

وحدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا أبو بشر الدولابي، حدثنا إبراهيم حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان حدثنا الوليد بن كثير عن ابن صياد عن سعيد بن المسيب قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجت مكة فسمع بذلك أبو قحافة فقال: ما هذا؟ قالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمر جلل قال: فمن ولى بعده؟ قالوا: ابنك قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة؟ قالوا: نعم. قال: لا مانع لما أعطى الله ولا معطى لما منعه الله. ومكث أبو بكر في خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليالٍ. وقيل: سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
وقال ابن إسحاق: توفي أبو بكر على رأس سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
وقال ابن إسحاق: توفى أبو بكر على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتي عشرة ليلة من متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال غيره: وعشرة أيام وقال غيره أيضًا: وعشرين يومًا فقام بقتال أهل الردة وظهر من فضل رأيه في ذلك وشدته مع لينه ما لم يحتسب، فأظهر الله به دينه وقتل على يديه وببركته كل من ارتد عن دين الله حتى ظهر أمر الله وهم كارهون.
واختلف في السبب الذي مات منه فذكر الواقدي أنه اغتسل في يوم بارد فحم ومرض خمسة عشر يومًا.
قال الزبير بن بكار: كان به طرف من السل. وروى عن سلم بن أبي مطيع أنه سم والله أعلم.
واختلف أيضًا في حين وفاته فقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة. وقال غيره من أهل السير: مات عشي يوم الاثنين. وقيل ليلة الثلاثاء. وقيل عشي يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. هذا قول أكثرهم. وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس زوجته فغسلته وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن أبي بكر ودفن ليلًا في بيت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يختلفون أن سنه انتهت إلى حين وفاته ثلاثًا وستين سنة إلا ما لا يصح وأنه استوفى بخلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نقش خاتمه: نعم القادر الله فيما ذكر الزبير بن بكار وقال غيره: كان نقش خاتمه: عبد ذليل لرب جليل.
وروى سفيان بن حسين عن الزهري قال: سألني عبد الملك بن مروان فقال: أرأيت هذه الأبيات التي تروى عن أبي بكر؟ فقلت له: إنه لم يقلها حدثني عروة عن عائشة أن أبا بكر لم يقل بيت شعر في الإسلام حتى مات وأنه كان قد حرم الخمر في الجاهلية هو وعثمان رضي الله عنهما.